يترقب العالم منذ سنوات لقاءً مباشراً بين رئيس الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، حيث سيجتمعان وجهاً لوجه في قمة استثنائية تُعقد في ولاية ألاسكا الأمريكية، لبحث الحرب في أوكرانيا وإمكانية التوصل إلى وقفٍ لإطلاق النار.
هذا اللقاء سيكون الأول بين الزعيمين منذ اجتماعهما الأخير في
مدينة أوساكا اليابانية خلال قمة مجموعة
العشرين عام 2019، والأول منذ بدء الغزو الروسي الواسع لأوكرانيا في
فبراير/شباط 2022.
أسباب اختيار ألاسكا
ستُعقد القمة في قاعدة "إلمندورف –
ريتشاردسون" العسكرية شمال مدينة أنكوراج، أكبر مدن ألاسكا. اختيار ألاسكا لم
يكن عشوائياً، فهي أرض أمريكية قريبة جغرافياً من روسيا، إذ تبعد مسافة 80 كم فقط
عن أراضيها عبر مضيق بيرينغ. كما أن الولايات المتحدة لا تعترف باختصاص المحكمة الجنائية الدولية، التي أصدرت مذكرة
توقيف بحق بوتين عام 2023 بتهم ارتكاب جرائم حرب، مما يجعل حضوره الأراضي
الأمريكية آمناً من الناحية القانونية.
إضافة إلى ذلك، لألاسكا بُعد تاريخي، فقد كانت إقليماً تابعاً للإمبراطورية
الروسية قبل أن يبيعها القيصر ألكسندر الثاني للولايات المتحدة عام 1867 مقابل 7.2
مليون دولار. ولا تزال آثار الحقبة الروسية موجودة حتى اليوم من خلال الكنائس
الأرثوذكسية المنتشرة في بعض مناطق الولاية.
البعد الاستراتيجي
والاقتصادي
ألاسكا تتمتع بموقع استراتيجي عند ملتقى أمريكا الشمالية
وآسيا والمحيط الهادئ والقطب الشمالي، وهي منطقة غنية بالموارد الطبيعية مثل النفط
والغاز والمعادن النادرة. ذوبان الجليد بفعل التغير المناخي يفتح فرصاً جديدة
للاستغلال البحري، ما يجعلها محط اهتمام كل من موسكو وواشنطن.
كلا البلدين عضو في مجلس
القطب الشمالي، وهو هيئة حكومية دولية تضم ثماني دول ذات سيادة، ويعمل
على تعزيز التعاون والتنمية المستدامة في المنطقة. لكن المجلس يمثل أيضاً ساحة
للتنافس الجيوسياسي والدفاع عن المصالح الاستراتيجية.
الهدف من القمة
يأمل ترامب في إقناع بوتين بالموافقة على وقف لإطلاق
النار في أوكرانيا، محذراً من "عواقب وخيمة" إذا فشلت المفاوضات. وقدّر
الرئيس الأمريكي السابق احتمالية فشل الاجتماع بنسبة 25%. ومن المحتمل أن تُعقد
قمة ثانية تضم الرئيس الأوكراني فولوديمير
زيلينسكي إذا تحقّق تقدم في المحادثات.
قلق أوكراني وأوروبي
في المقابل، تخشى أوكرانيا وحلفاؤها الأوروبيون التوصل إلى اتفاق مع روسيا من دون مشاركتهم، وقد كثفوا في الأيام الأخيرة جهود الضغط على موسكو. الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والرئيس الأوكراني اتفقا على متابعة التطورات بعد قمة ألاسكا.